كتب راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن إسرائيل ارتكبت وتواصل ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة، وهو ما خلص إليه تقرير لجنة أممية مستقلة صدر الأسبوع الماضي. ومع نشر التقرير، اعترفت بريطانيا وعدة دول أخرى بفلسطين دولة مستقلة. ورغم أن الاعتراف جاء متأخرًا ومرتبطًا بشروط، فإن كلمات رئيس الوزراء كير ستارمر التي وصف فيها الدمار والموت في غزة بأنهما "غير محتملين على الإطلاق" أثارت التساؤل: هل غيّر الموقف البريطاني واقع الفلسطينيين الذين يُقتلون ويُجوَّعون؟ الإجابة حتى الآن: لا.

ذكرت الجارديان أن تقرير الأمم المتحدة تزامن مع رفع العلم الفلسطيني خارج بعثته في لندن، بينما تتواصل عمليات التهجير والقتل في غزة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية. وأوضح الصوراني، بصفته محاميًا كرّس حياته للإيمان بالقانون الدولي، أن الدمار الهائل يثير سؤالًا مرعبًا: هل تسقط غزة القانون الدولي معها؟

منذ البداية، أظهرت تصريحات قادة إسرائيل نية واضحة لتنفيذ إبادة جماعية. وزراء ومسؤولون أعلنوا أنهم سيُسوّون غزة بالأرض، ويُحاصرون سكانها ويُجَوّعونهم. القصف الواسع شمل المنازل والمدارس والمستشفيات. الأغلبية الساحقة من الضحايا نساء وأطفال. الموت والجوع وانعدام الرعاية الطبية أصبحوا خبرة يومية للمدنيين، ولم يتحرك أحد لإيقاف ذلك.

بثّت وسائل الإعلام الفلسطينية المأساة لحظة بلحظة. وعلى الرغم من مقتل عدد كبير من الصحفيين، واصل آخرون نقل الصورة الحية: الإبادة تجري أمام أنظار العالم. ورغم ذلك لم تتخذ الحكومات خطوات لوقفها.

استهدفت الغارات الإسرائيلية منظمات حقوقية فلسطينية مثل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، التي وثّقت الأدلة القانونية على الجرائم. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها. حتى المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي ومسؤولو المحكمة الجنائية الدولية، ومنهم المدعي العام كريم خان، تعرضوا لتهديدات وعقوبات بسبب تقاريرهم. جميع هذه النتائج تؤكد أن النية لتنفيذ إبادة جماعية وُجِدت منذ أكتوبر 2023، وفق شهادات الضحايا والناجين.

أكد الصوراني أن لجنة الأمم المتحدة تنضم الآن إلى الإجماع الواسع على أن الفلسطينيين يعيشون إبادة جماعية. لكنه شدد على أن جوهر اتفاقية الإبادة الجماعية يكمن في اسمها الكامل: "اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية". الغاية كانت وقائية وعقابية. ما جرى لم يُمنع، لكن يمكن إيقافه الآن إذا وُجدت إرادة حقيقية.

وأضاف أنه بعد 48 عامًا من العمل القانوني، يرى انهيارًا لمفهوم العدالة الدولية. التواطؤ الدولي يكشف قبحًا في الواقع: عالم جديد قد يصبح فيه القانون الدولي انتقائيًا وخاضعًا للسياسة. وجود إبادة بهذا الحجم من القتل والدمار والألم يُظهر هشاشة القاعدة القانونية العالمية. مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية لم توقف المجازر، ولا حتى تقرير أممي إضافي أكد الجريمة. الحقائق واضحة والقانون موجود، لكن غيابه عن التنفيذ يُحوّله إلى حبر على ورق.

يرى الصوراني أن على المجتمع الدولي ألا يسمح بموت القانون الدولي في غزة عبر ترك إسرائيل تنعم بالإفلات من العقاب. الاعتراف بفلسطين لا معنى له من دون خطوات عملية: حظر سلاح، وقف الشراكات السياسية، وإنهاء الغطاء الأميركي والبريطاني لجرائم إسرائيل.

واختتم قائلًا إن بقاء القانون الدولي والديمقراطية وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية جميعها على المحك. يجب أن تتحول التقارير والتصريحات إلى أفعال توقف الإبادة، حتى يبقى هناك شعب ودولة تُعترف بهما، ولا يظل العالم شاهدًا صامتًا على انهيار منظومة العدالة الدولية.
http://theguardian.com/commentisfree/2025/sep/23/gaza-international-law-un-convention